ملكية الطبقات
المستشار/عمر بغدادي • October 8, 2024
This is a subtitle for your new post
بحث علمي قانوني موسع حول ملكية الطبقات في ضوء الشريعة الإسلامية والنظام السعودي مع الرجوع إلى الشرح الوسيط للسنهوري
المقدمة
تُعد ملكية الطبقات من الأنظمة العقارية الحديثة التي ظهرت كحل للتوسع العمراني والزيادة السكانية، حيث تُتيح للأفراد تملك وحدات عقارية (شقق) ضمن بنايات عمودية مع الحفاظ على حقوقهم في الأجزاء المشتركة مثل المداخل والممرات. وقد تطرقت الشريعة الإسلامية، من خلال فقه المعاملات، إلى بعض المفاهيم ذات الصلة بالملكية المشتركة وحقوق الجوار، وهو ما يمكن تطبيقه على ملكية الطبقات. أما من الناحية القانونية، فقد أُصدر نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها في المملكة العربية السعودية بهدف تنظيم العلاقة بين ملاك الطبقات، مستندًا إلى الشريعة الإسلامية وبعض المفاهيم القانونية الحديثة.
يهدف هذا البحث إلى استعراض مفهوم ملكية الطبقات في ضوء الشريعة الإسلامية والنظام السعودي، مع توضيح الجوانب القانونية والفقهية المتعلقة بها، وتقديم تحليل مقارن مع النظام القانوني المصري من خلال الاستفادة من الشرح الوسيط للسنهوري. سيتم تناول الموضوع عبر استعراض مفصل للتشريعات والنظريات القانونية والفقهية المتعلقة بهذا النوع من الملكية.
الفصل الأول: مفهوم ملكية الطبقات والشقق
المبحث الأول: تعريف ملكية الطبقات والشقق
التعريف الفقهي لملكية الطبقات والشقق
من الناحية الفقهية، لم يظهر مصطلح "ملكية الطبقات" بصورته الحديثة في كتب الفقهاء الأوائل، ولكنهم تناولوا ما يشابهها من مفاهيم مثل "حق الجوار" و"الملكية المشتركة" التي تتعلق بملكية أجزاء معينة من العقار مع حق استخدام الأجزاء المشتركة. فقد أقر فقهاء المذاهب الإسلامية بملكية الشركاء لأجزاء من البناء مع بقاء الأجزاء المشتركة تحت ملكية الجميع، وهذا ما يمكن إسقاطه على مفهوم ملكية الشقق السكنية.
التعريف القانوني لملكية الطبقات في النظام السعودي
وفقًا لنظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها في المملكة العربية السعودية، تُعرف ملكية الطبقات بأنها حق الفرد في تملك وحدة مستقلة (شقة أو طابق) في عقار مشترك مع احتفاظه بحصة معينة في الأجزاء المشتركة للعقار مثل الأسطح، والمداخل، والمصاعد. يشمل هذا التعريف أيضًا حق الانتفاع من هذه الأجزاء المشتركة بما يتماشى مع حقوق الملاك الآخرين.
المبحث الثاني: التطور التاريخي لملكية الطبقات
الجذور الفقهية والتاريخية لملكية الطبقات
يعود مفهوم الملكية المشتركة إلى الفقه الإسلامي، حيث تناول الفقهاء حق الشركاء في العقارات المشتركة مثل البساتين والمزارع والمباني. وقد أقر الفقهاء مبدأ الملكية المستقلة للأجزاء مع تقاسم الأجزاء المشتركة، وهو ما يتوافق مع فكرة ملكية الشقق المعاصرة.
التطور القانوني لملكية الطبقات في المملكة العربية السعودية
مع تزايد التوسع العمراني والتحضر في المدن السعودية، برزت الحاجة إلى تنظيم قانوني للملكية العقارية المشتركة. صدر نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها بهدف تحديد حقوق والتزامات الملاك في الأبنية المشتركة، وهو تطور قانوني استند إلى الشريعة الإسلامية وبعض التطبيقات القانونية العالمية.
الفصل الثاني: الأطر القانونية لتنظيم ملكية الطبقات في المملكة العربية السعودية
المبحث الأول: الأطر القانونية لملكية الطبقات في النظام السعودي
نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها
صدر نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها في السعودية ليكون بمثابة الإطار القانوني الذي ينظم الملكية المشتركة. يحدد النظام كيفية تسجيل الملكيات وتوثيقها، كما ينظم إدارة الأجزاء المشتركة ويُحدد حقوق والتزامات الملاك في تلك الأجزاء. كما يشمل النظام قواعد تتعلق بتقسيم العقارات إلى وحدات منفصلة، وتحديد حصة كل مالك في الأجزاء المشتركة.
لائحة تنظيم اتحاد الملاك
تنص اللائحة التنفيذية لاتحاد الملاك على كيفية إدارة العقارات المشتركة في حال تعدد الملاك. تشترط هذه اللائحة على كل مالك المشاركة في تكاليف الصيانة والإدارة للأجزاء المشتركة، كما تضع أحكامًا لتنظيم الاجتماعات السنوية لاتخاذ القرارات المتعلقة بصيانة العقار وتطويره.
المبحث الثاني: حقوق والتزامات الملاك في نظام الشقق السعودي
حقوق الملاك في الوحدات السكنية المشتركة
وفقًا للنظام السعودي، يتمتع الملاك بعدد من الحقوق التي تضمن لهم الانتفاع الكامل بالوحدات السكنية التي يملكونها، من بينها حق التصرف الكامل في الشقة المستقلة سواء بالبيع أو التأجير، وحق استخدام الأجزاء المشتركة بما يتفق مع مصلحة الجميع. كما يتمتع المالك بحق حضور اجتماعات اتحاد الملاك والمشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعقار.
التزامات الملاك في الأجزاء المشتركة
يفرض النظام السعودي عددًا من الالتزامات على الملاك، من بينها الالتزام بدفع نصيبهم من تكاليف الصيانة والإصلاحات اللازمة للأجزاء المشتركة، والالتزام بعدم التصرف بشكل يضر بمصالح باقي الملاك. كما يشمل ذلك ضرورة احترام اللوائح الداخلية لاتحاد الملاك وعدم القيام بأي تغييرات في الأجزاء المشتركة دون موافقة مسبقة.
الفصل الثالث: الأطر الشرعية لتنظيم ملكية الطبقات في الشريعة الإسلامية
المبحث الأول: الأسس الشرعية لتنظيم ملكية الطبقات
الأسس الشرعية للملكية في الإسلام
تقوم الشريعة الإسلامية على احترام حق الملكية الخاصة، ولكن بشرط أن تكون هذه الملكية نافعة وغير مضرة بالمصلحة العامة أو بحقوق الآخرين. يعتبر حق الجوار وحقوق الملكية المشتركة من بين الأسس التي اعتمدت عليها الشريعة الإسلامية لضبط العلاقة بين الملاك في العقارات المشتركة.
حق الشريك في الملكية المشتركة (الشُّفعة)
من المبادئ الفقهية التي تتعلق بملكية الطبقات هو "حق الشُّفعة"، والذي يمنح الشريك الحق في شراء حصة شريكه عند بيعها لتفادي دخول شريك جديد قد لا يحقق الانسجام بين الجيران أو يتسبب في مشكلات بينهم. ويُطبق هذا المبدأ في ملكية الطبقات للحفاظ على استقرار الملكيات المشتركة.
المبحث الثاني: تطبيقات فقهية تتعلق بملكية الطبقات
حق الجوار وملكية الطبقات
يرتبط مفهوم حق الجوار بملكية الطبقات، حيث يشمل هذا الحق الاحترام المتبادل بين الجيران والتعاون في إدارة الأجزاء المشتركة. في الفقه الإسلامي، يُنظر إلى الجار باعتباره شريكًا في الحياة اليومية، وهو ما يتجسد في إطار الشقق السكنية المشتركة التي تتطلب تعاونًا دائمًا بين الجيران لإدارة الشؤون المشتركة.
الشفعة وحماية حقوق الملاك في العقارات المشتركة
يعتمد الفقه الإسلامي على مبدأ الشفعة لحماية حقوق الشركاء في العقارات المشتركة، ويهدف هذا المبدأ إلى منع تفتيت الملكية المشتركة ودخول غرباء قد لا يكون لديهم نفس الرؤية أو المصالح المشتركة مع الملاك الحاليين.
الفصل الرابع: تحليل مقارن بين الشرح الوسيط للسنهوري والنظام السعودي لملكية الطبقات
المبحث الأول: وجهات النظر المختلفة بين الفقه والقانون
مقارنة مفهوم ملكية الطبقات في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي
تطرق السنهوري في "الشرح الوسيط" إلى تحليل مفصل لملكية العقارات المشتركة في القانون المدني المصري، حيث ركز على تنظيم العلاقة بين الملاك في العقارات المشتركة وكيفية إدارة الأجزاء المشتركة. بينما يتعامل النظام السعودي مع هذه الملكية من منظور شرعي يستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية.
النقاط المشتركة والمختلفة بين الشرح الوسيط والنظام السعودي
يتفق الشرح الوسيط للسنهوري والنظام السعودي في كثير من النقاط المتعلقة بحقوق والتزامات الملاك، خاصة فيما يتعلق بإدارة الأجزاء المشتركة وتوزيع التكاليف. لكن النظام السعودي يتميز بتضمين بعض المبادئ الفقهية مثل الشفعة وحقوق الجوار، مما يجعله أكثر توافقًا مع البيئة السعودية.
المبحث الثاني: التطوير القانوني والتحديات المستقبلية في النظام السعودي
تحديات تطبيق نظام ملكية الطبقات في السعودية
يواجه النظام السعودي عدة تحديات تتعلق بإدارة العقارات المشتركة، من بينها ضعف الالتزام من قبل بعض الملاك بالتزاماتهم المالية تجاه الصيانة، وكذلك عدم وجود آليات قانونية فعالة لحل النزاعات بشكل سريع وفعال.
التوصيات لتطوير النظام السعودي
يُوصى بتطوير نظام ملكية الطبقات في السعودية من خلال استحداث آليات قانونية أكثر فعالية لحل النزاعات بين الملاك، وتحسين التشريعات المتعلقة باتحاد الملاك وضمان تفعيلها بشكل أكبر. يمكن الاستفادة من تجارب الأنظمة القانونية الأخرى مثل النظام المصري والفرنسي في هذا المجال.
الخاتمة
في نهاية هذا البحث، نجد أن نظام ملكية الطبقات في المملكة العربية السعودية يُعد مثالًا متقدمًا للجمع بين المبادئ الفقهية الإسلامية والقوانين العقارية الحديثة. وعلى الرغم من وجود بعض التحديات في تطبيق النظام بشكل مثالي، إلا أن التطورات المستمرة في التشريعات والإجراءات القانونية تبشر بمستقبل أفضل لإدارة الملكية المشتركة في المملكة.

مقدمة: من إثبات الحق إلى فرضه مباشرة: شهد قطاع الإيجار العقاري في المملكة العربية السعودية تحولاً جذرياً، تجاوز حدود الرقمنة ليصل إلى إعادة هيكلة قانونية شاملة. ففي النظام التقليدي، كان عقد الإيجار مجرد "سند عادي" لا يملك قوة التنفيذ، مما يضطر المتضرر إلى المرور بمسار قضائي طويل. أما اليوم، فقد أصبح "عقد الإيجار الإلكتروني الموحد"، الموثق عبر منصة "إيجار"، سنداً تنفيذياً يمكن التوجه به مباشرة إلى محكمة التنفيذ، مختصراً بذلك شهوراً من الإجراءات إلى أيام معدودة. هذا التحول يمثل نقلة نوعية في البنية التشريعية والتنظيمية للقطاع، ويعيد رسم العلاقة بين المؤجر، والمستأجر، والوسيط العقاري، عبر أداة قانونية تحمل قوة الأحكام القضائية القطعية. الفصل الأول: الإطار المفاهيمي – ما هو "إيجار" وما هو "السند التنفيذي"؟ 1.1 منصة "إيجار": تنظيم السوق العقاري. تُعد "إيجار" شبكة إلكترونية وطنية أطلقتها الهيئة العامة للعقار بهدف تنظيم وتوثيق قطاع الإيجارات، من خلال عقود إلكترونية موحدة تتمتع بالشفافية وتحفظ حقوق جميع الأطراف (المؤجر، المستأجر، الوسيط العقاري). تُستخدم هذه العقود كوثائق رسمية أمام الجهات الحكومية والخاصة. 1.2 السند التنفيذي: قوة القانون في وثيقة. وفق نظام التنفيذ السعودي، يُعرف السند التنفيذي بأنه وثيقة مكتوبة تتضمن حقاً محدداً، يتم بموجبها فرض التنفيذ الجبري، وعندما يتم توثيق عقد الإيجار عبر "إيجار"، يصبح سنداً تنفيذياً يُمكّن المؤجر من التوجه مباشرة إلى قاضي التنفيذ دون الحاجة إلى حكم قضائي مسبق. الفصل الثاني: التمكين التشريعي – كيف اكتسب العقد صفته التنفيذية؟ تمت هذه النقلة القانونية عبر سلسلة قرارات وتشريعات بدأت منذ عام 1435هـ: الأساس: قرار مجلس الوزراء رقم (131) بإنشاء شبكة خدمات الإيجار. التنظيم: إلزام الوسطاء العقاريين بتسجيل العقود إلكترونياً (قرار رقم 405). الإلزام: عدم الاعتراف بالعقود غير المسجلة في "إيجار" كعقود صحيحة (قرار رقم 292). الربط القضائي: اعتماد العقد الإلكتروني كسند تنفيذي من قبل وزارة العدل بعد الربط الإلكتروني مع "إيجار". الفصل الثالث: الأثر العملي على أطراف العقد: 1- المؤجر: من المطالبة إلى التنفيذ المباشر. أصبح بإمكان المؤجر تنفيذ حقوقه مباشرة سواء تعلق الأمر بالأجرة المتأخرة أو بإخلاء العقار، دون الحاجة للتقاضي الطويل. 2- المستأجر: شفافية والتزام صارم. رغم فقدان "ميزة التأخير"، حصل المستأجر على ضمانات واضحة وحقوق موثقة قانونياً، مما يعزز من عدالة العلاقة التعاقدية. 3- الوسيط العقاري: من سمسار إلى شبه موثّق. تطوّر دور الوسيط إلى مستوى أعلى من المهنية، حيث بات مطالباً بالتحقق من ملكية العقار ومعلومات الأطراف، مع تسجيل العقود بشكل نظامي. الفصل الرابع: دليل التنفيذ – المطالبة المالية: عبر منصة "ناجز"، يمكن للمؤجر تنفيذ المطالبات المالية باتباع خطوات رقمية تبدأ بإدخال بيانات العقد ثم تحديد الدفعات غير المسددة، ليصدر بعدها أمر التنفيذ تلقائياً. الفصل الخامس: دليل التنفيذ – طلب الإخلاء: في حال انتهاء العقد أو إخلال المستأجر، يُمكن للمؤجر تقديم طلب إخلاء إلكتروني، يُنفذ خلال أيام، وقد يصل الأمر إلى الإخلاء الجبري بعد استئذان القضاء. الفصل السادس: الاستثناءات التي تُفقد العقد قوته التنفيذية: 1- إضافة بنود خاصة: خطر قانوني خفي. إضافة شروط غير قياسية على العقد الموحد تُخرجه من وصف "السند التنفيذي"، ليُصبح عقداً عادياً يُحكم فيه أمام المحاكم العامة وليس التنفيذ. 2- النزاعات الموضوعية: خارج نطاق محكمة التنفيذ. تشمل هذه النزاعات: طلبات الإخلاء قبل انتهاء العقد، خلافات حول الصيانة أو الأضرار، أو المطالبات التي تخرج عن نص العقد، ويجب حينها اللجوء للمحاكم المختصة. خاتمة: نحو قضاء وقائي وعدالة رقمية: إن توثيق عقد الإيجار الإلكتروني كسند تنفيذي يمثل نموذجاً عالمياً رائداً في التحول الرقمي والتكامل القضائي،لقد أسهم هذا النظام في تسريع التقاضي، وحفظ الحقوق، وتخفيف العبء عن المحاكم، وجعل السوق العقاري السعودي أكثر شفافية واستقراراً. ومع استمرار التطوير، يُتوقع أن يتوسع نطاق التنفيذ الإلكتروني ليشمل أنواعاً جديدة من العقود، ويُرسّخ مبدأ "القضاء الوقائي" الذي يمنع النزاعات من جذورها، بدلاً من الاكتفاء بحلّها بعد وقوعها.

يُعد الإفلاس من الوسائل النظامية التي تهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة بين المدين المعسر ودائنيه، بشكل يحقق العدالة ويضمن استقرار التعاملات التجارية، وقد أرسى نظام الإفلاس السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/50) وتاريخ 28/5/1439هـ، أحكامًا دقيقة تنظم تقديم طلب الإفلاس سواء من قبل المدين أو الدائن، بما يتفق مع مبادئ العدالة ويأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية. أولًا: حق الدائن في تقديم طلب الإفلاس: يُجيز النظام السعودي للدائن – سواء كان دائنًا مضمونًا أو غير مضمون – التقدم بطلب افتتاح إجراء الإفلاس ضد الشركة، وذلك وفقًا لنظام الإفلاس، متى ما توافرت الشروط التالية: 1- بلوغ الدين مبلغًا محددًا: لا يجوز قبول طلب الدائن إلا إذا تجاوزت قيمة الدين مئة ألف ريال سعودي، ويجب أن يكون مستحق الأداء وغير معلق على شرط. 2- تعثر المدين أو توقفه عن السداد: يجب أن يثبت الدائن أن الشركة لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية عند استحقاقها، أو أنها في حالة تعثر فعلي. 3- الإثبات بالأدلة النظامية: كالسندات التجارية، أو الأحكام النهائية، أو المراسلات التي تدل على التخلف عن السداد. ثانيًا: أنواع الدائنين – مضمون وغير مضمون: الدائن المضمون: هو من لديه ضمان عيني (كالرهن أو الحجز) على أصول الشركة. وله أولوية في استيفاء دينه من المال المرهون. الدائن غير المضمون: لا يملك أي ضمانات عينية، ويُدرج دينه في جدول المطالبات، ويُستوفى حسب درجة التوزيع بعد سداد الديون ذات الأولوية. ويُراعى في نظام الإفلاس أن يتم التعامل مع كل فئة من هؤلاء وفقًا لحقوقهم النظامية، مع مراعاة مبدأ العدالة والتوزيع العادل في حال تصفية الأصول. ثالثًا: الإجراءات النظامية لتقديم الطلب: يتعين على الدائن أن يتقدم بطلب الإفلاس أمام المحكمة التجارية عبر بوابة لجنة الإفلاس، مرفقًا المستندات التالية: * تفاصيل الدين وأسباب استحقاقه. * ما يثبت تعثر الشركة عن السداد. * أي ضمانات يملكها (إن وجدت). * نسخة من عقد الدين أو السند التنفيذي. وتقوم المحكمة بالنظر في الطلب، وتقرر إما قبوله وافتتاح الإجراء المناسب (مثل التسوية الوقائية أو إعادة التنظيم المالي أو التصفية) أو رفضه إن لم تتوفر الشروط. رابعًا: الآثار المترتبة على قبول الطلب: إذا قررت المحكمة افتتاح إجراءات الإفلاس، يترتب على ذلك: 1- تجميد مطالبات الدائنين الفردية: لا يجوز الاستمرار أو البدء في أي دعوى ضد الشركة إلا بإذن من المحكمة. 2- وقف تنفيذ الأحكام التنفيذية: لحين الانتهاء من إجراءات الإفلاس. 3- تعيين أمين لإدارة الإجراء: يتولى متابعة الوضع المالي وتوزيع الأصول تحت إشراف المحكمة. 4- حماية الأصول من التصرف الضار: لمنع أي تلاعب من الشركة. خامسًا: المنظور الشرعي للإفلاس وحقوق الدائنين: أقرت الشريعة الإسلامية مبدأ إعسار المدين كما ورد في قوله تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة" (البقرة: 280). وهذا يدل على وجوب الرفق بالمدين المعسر وعدم التضييق عليه إذا ثبت عجزه عن السداد. لكن الشريعة أيضًا تحفظ حق الدائن، وتُجيز له المطالبة بحقه بطرق مشروعة. وقد قال النبي ﷺ: "مطل الغني ظلم"، وهو دليل على عدم جواز التأخر في السداد من القادر. يقوم نظام الإفلاس السعودي على تحقيق هذا التوازن الشرعي، فلا يُظلم الدائن، ولا يُجبر المعسر على ما لا يستطيع. إن إفلاس الشركة بطلب من الدائن يمثل آلية قانونية لحماية الحقوق وتفادي التعسف في التعاملات التجارية،ويُنصح الدائنون بما يلي: 1- التحقق من وجود حالة تعثر حقيقية قبل التقدم بالطلب. 2- الاستعانة بمحامٍ مختص في نظام الإفلاس لإعداد الطلب بشكل قانوني. 3- توثيق العلاقة التعاقدية وأدلة الدين منذ البداية. وبهذا التوازن بين الأنظمة الحديثة وأحكام الشريعة الإسلامية، يسعى النظام السعودي إلى بناء بيئة تجارية عادلة ومستقرة.

إلى كل من يظن أن المخدرات وسيلة للهروب أو مصدر للربح السريع... إلى كل من يتعاطاها أو يحوزها أو يروجها أو يتاجر بها... ⚠️ تنبيه قانوني وأخلاقي هام: المخدرات ليست مجرد مواد ضارة، بل هي جريمة قانونية وأخلاقية، تفتك بصاحبها وتدمر مجتمعه. القانون في معظم دول العالم يعاقب على جرائم المخدرات بأشد العقوبات، لما لها من أثر خطير على الصحة العامة، والأمن الاجتماعي، وسلامة الأفراد. 🔹 أولاً: التعاطي. تعاطي المخدرات جريمة في كثير من التشريعات، وإن كان المتعاطي يُعتبر في بعض الحالات مريضًا يحتاج للعلاج، إلا أن القوانين لا تعفيه من المسؤولية، خاصة إذا اقترن التعاطي بجرائم أخرى مثل القيادة تحت تأثير المخدر أو الإضرار بالغير. 🔹 ثانيًا: الحيازة. حيازة المخدرات، سواء كانت بقصد الاستعمال الشخصي أو النقل أو الإخفاء، تُعد جريمة قائمة بذاتها، وغالبًا ما تكون الحيازة قرينة على الترويج أو التعاطي، ما يضاعف المسؤولية الجنائية. 🔹 ثالثًا: الترويج والاتجار. أخطر أنواع جرائم المخدرات، ويُنظر إليها في القانون على أنها تهديد مباشر لأمن المجتمع،والمروج لا يفسد نفسه فقط، بل يُسهم في إفساد أجيال كاملة،والعقوبات في هذه الحالات قد تصل إلى السجن لمدد طويلة، أو حتى الإعدام في بعض الدول. 📚 من منظور الشريعة الإسلامية: المخدرات محرّمة شرعًا، ومَن يتعاطاها أو يروّجها يُعد معتديًا على نفسه وعلى غيره. وقد شددت الشريعة على تحريم كل ما يذهب العقل أو يضر بالبدن، واعتبرت الترويج نوعًا من الإفساد في الأرض، وهو من الكبائر. 🔴 رسالة إلى المتعاطي: لا تنتظر أن تفقد صحتك، أو تفقد مستقبلك، أو تُسجن لتبدأ بالتفكير، باب التوبة مفتوح، وباب العلاج متاح. اطلب المساعدة قبل فوات الأوان. 🔴 رسالة إلى المروّج والتاجر: اعلم أن المال الحرام لا يدوم، وأنك تُسهم في دمار الآخرين من أجل مصلحة مؤقتة. القانون قد يمهلك، لكنه لن يهملك. عاجل نفسك بالتوبة قبل أن تُحاسب على كل روح أفسدتها. 🤝 دعوة للمجتمع: مكافحة المخدرات ليست مسؤولية الجهات الأمنية فقط، بل هي واجب جماعي يبدأ من الأسرة، ويمتد إلى المدرسة، والمسجد، ووسائل الإعلام، فلنتعاون جميعًا لحماية شبابنا ومجتمعنا.

تُعد جريمة المخدرات من أخطر الجرائم التي تواجهها المجتمعات المعاصرة لما لها من آثار مدمرة على الفرد والأسرة والأمن العام، وفي المملكة العربية السعودية، يُعالج هذا النوع من الجرائم ضمن إطار قانوني وشرعي صارم، يجمع بين أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة الوضعية، بهدف حماية المجتمع وصيانة مقاصد الشريعة في حفظ النفس والعقل والدين والنسل والمال. أولًا: الإطار النظامي لجريمة المخدرات في المملكة. يعتمد النظام السعودي في معالجة جرائم المخدرات على نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/39) وتاريخ 8/7/1426هـ، بالإضافة إلى اللائحة التنفيذية ذات الصلة،كما تُعتبر هذه الجريمة من "الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف"، وفقًا لما نصّت عليه لوائح وزارة الداخلية. ويُعرّف النظام المواد المخدرة بأنها كل مادة طبيعية أو مركبة تؤثر في العقل أو الجهاز العصبي أو الإدراك، وتشمل العقاقير المُدرجة في الجداول الملحقة بالنظام. ثانيًا: صور الجريمة وفق النظام. ينظم النظام السعودي جريمة المخدرات على عدة مستويات بحسب الفعل المرتكب، ومنها: 1- التعاطي أو الاستعمال الشخصي: يُعاقب عليه بالحبس والجلد والغرامة، ويُراعى في تقدير العقوبة وضع الجاني (هل هو مدمن؟ هل سبق إحالته للعلاج؟). 2- الحيازة أو النقل أو الترويج: تُشدد العقوبة بحسب الكمية والنية. فالترويج يُعد من الجرائم الخطيرة التي توجب عقوبات مشددة. 3- التهريب أو الاستيراد أو التصنيع: تُصنف هذه الجرائم ضمن الجرائم الأشد خطورة، وتصل العقوبات فيها إلى الإعدام، خاصة في حال العود أو التكرار أو التورط في شبكات منظمة. ثالثًا: السياسة الجنائية السعودية: الردع والإصلاح: لا يقف النظام السعودي عند حدود العقوبة فحسب، بل يتبنى سياسة جنائية متوازنة تشمل: * الردع العام والخاص: من خلال العقوبات الرادعة للمروجين والمهربين والمستخدمين. * الرعاية العلاجية: يتيح النظام للمُدمن التقدُّم طوعًا للعلاج في مراكز متخصصة دون مساءلة قانونية، شرط الالتزام بالبرنامج العلاجي. * التعاون الدولي: تشارك المملكة في الاتفاقيات الدولية لمكافحة المخدرات، وتدعم التنسيق الأمني والجمركي مع الدول الأخرى. رابعًا: موقف الشريعة الإسلامية. ترتكز السياسة التشريعية السعودية في تجريم المخدرات على مقاصد الشريعة، حيث إن تعاطي أو ترويج أو تهريب المخدرات يُعد من الكبائر لما فيه من ضرر بالغ على العقل والجسم والمجتمع، وقد أفتى كبار العلماء بحرمة المخدرات بجميع صورها، واعتبروا أن عقوبتها قد تصل إلى الحد في حال الترويج أو التكرار، أو التعزير بما يراه ولي الأمر مناسبًا لحجم الجريمة. خامسًا: تحديات وتوصيات. رغم الجهود الكبيرة المبذولة، لا تزال المملكة تواجه تحديات في مجال التهريب عبر الحدود، وانتشار بعض المواد الجديدة ذات التأثير النفسي. ومن هنا، تبرز أهمية: * تعزيز برامج التوعية والتثقيف. * دعم مراكز العلاج والتأهيل. * تطوير التعاون القضائي والأمني مع دول الجوار. جريمة المخدرات تُعد من الجرائم المصنّفة ضمن الجرائم المهدِّدة لكيان المجتمع، وقد تعامل معها النظام السعودي بصرامة تامة، متسلحًا بأحكام الشريعة وأدوات القانون الجنائي الحديث، ويُظهر النظام توازنًا بين الحزم في العقوبة والرحمة في المعالجة، في سبيل بناء مجتمع خالٍ من آفة المخدرات، قائم على الأمن والصحة والاستقرار.

ضمان حقوق الشريك في المساهمات الزائدة عن الحصة: حماية قانونية في ضوء نظام الشركات السعودي في بيئة الأعمال الحديثة بالمملكة العربية السعودية، كثيرًا ما يساهم أحد الشركاء في الشركة بمبالغ تفوق حصته النظامية في رأس المال، سواء كانت هذه المبالغ تغطي نفقات تأسيس الشركة أو تمثل تمويلًا إضافيًا في مراحلها الأولى. هذا الوضع يثير تساؤلات قانونية مهمة تتعلق بكيفية حماية حقوق هذا الشريك، وضمان استرداد أمواله أو الاعتراف بمساهمته بشكل عادل. أولًا: الإطار القانوني للمساهمات الزائدة: نظام الشركات السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/132) وتاريخ 01/12/1443هـ لم يغفل تنظيم حقوق الشركاء، بل أرسى قواعد تضمن العدالة والشفافية في العلاقات بين الشركاء، وفي حال قيام أحدهم بدفع مبالغ إضافية، فإن الأصل القانوني يحكمه الاتفاق بين الأطراف، ما لم ينص عقد التأسيس أو أي اتفاق مستقل على خلاف ذلك. ثانيًا: صور المساهمات الزائدة وآثارها القانونية: تتنوع المساهمات الزائدة التي يقدمها الشريك، وتأخذ أشكالًا مختلفة، منها: * نفقات التأسيس: وهي المصاريف التي يتكبدها الشريك لتأسيس الشركة مثل الرسوم النظامية أو إعداد العقود أو التراخيص. ويحق له استردادها متى ما ثبت أنها تمت لمصلحة الشركة وبموافقة باقي الشركاء. * قرض من الشريك إلى الشركة: ويعد هذا من أكثر الأشكال وضوحًا من الناحية المحاسبية، حيث تُسجل هذه المبالغ كالتزام (دين) في ذمة الشركة للشريك. * مساهمة إضافية في رأس المال: إذا اتفق الشركاء على تحويل المبالغ الزائدة إلى حصة إضافية، وجب تعديل عقد التأسيس وتحديث نسب الحصص. ثالثًا: وسائل ضمان حقوق الشريك: لكي يحمي الشريك أمواله التي دفعها زيادة عن حصته، يُنصح باتباع الآتي: 1- التوثيق في عقد التأسيس: يجب أن يتضمن العقد ما يفيد بطبيعة هذه المبالغ وآلية التعامل معها. 2- الاتفاقات الجانبية الموثقة: يمكن تحرير اتفاق بين الشركاء يحدد وضع هذه المبالغ صراحة. 3- إثبات السداد: من خلال تحويلات بنكية أو فواتير معتمدة تثبت أن المبالغ دفعت لصالح الشركة. 4- المعالجة المحاسبية السليمة: لإظهار هذه الالتزامات في دفاتر الشركة بشكل صحيح. 5- اللجوء للقضاء أو التحكيم: في حال النزاع وعدم الاتفاق، يحق للشريك المطالبة باسترداد حقوقه لدى المحكمة التجارية أو جهة التحكيم المتفق عليها. رابعًا: أهمية التوثيق لحماية الشركاء: إن من أهم الضمانات القانونية هو التوثيق المسبق والواضح، فكلما كانت المساهمات موثقة ومبينة في العقود الرسمية أو الاتفاقات كان ذلك أدعى لثبات الحق وسهولة المطالبة به عند الحاجة. تعد المساهمات الزائدة عن الحصة من أبرز صور التعاون بين الشركاء، لكنها قد تتحول إلى مصدر نزاع إذا لم تُنظم قانونيًا منذ البداية. ومن هذا المنطلق، يؤكد نظام الشركات السعودي على أهمية الشفافية والتوثيق المسبق، بما يضمن حماية أموال الشركاء ويعزز الثقة بين الأطراف داخل الكيان التجاري.

** رأي السنهوري في قيمة التوقيع على بياض** "وقد يضع صاحب الشأن توقيعه على الورقة العرفية قبل كتابتها، فيقال عندئذ إنه وقع على بياض. ويكون قد قصد بذلك أن يعهد الطرف الآخر أن يكتب فوق التوقيع البيانات التي اتفق معه على عناصرها الجوهرية وترك إليه استكمال تفصيلاتها على أسس معينة مثل ذلك أن يوقع شخص شيكا على بياض المصلحة شخص آخر له معه حساب جار، ويعهد إليه أن يضع الرقم الدال على قيمة الشيك بمقدار ما على موقع الشيك من رصيد الحساب الجاري بعد تصفيته. ومن ثم يكون من وقع على بيان قد وثق في صاحبه واطمأن إلى أمانته، ومن هنا يجئ الخطر في التوقيع على بياض إذا خان الأمانة من أؤتمن. ومهما يكن من أمر فإن التوقيع على بياض صحيح. وهو من شأنه أن يكسب البيانات التي ستكتب بعد ذلك فوق هذا التوقيع حجية الورقة العرفية، فإن هذه الحجية تستمد كما قدمنا من التوقيع لا من الكتابة، فيستوى أن تكون الورقة قد كتبت قبل التوقيع أو بعده. والمهم أن من يوقع الورقة يوقعها بخطه، ويقصد من توقيعها أن يرتبط بالبيانات التي سترد في الورقة. على أن من يؤتمن على هذا التوقيع يجب عليه أن يراعى الأمانة، فلا يضع في الورقة بيانات غير ما اتفق عليه مع الموقع، وإلا عوقب جنائيا. أما من الناحية المدنية فعبء إثبات تسليم الورقة الموقعة على بياض وخيانة من تسلمها يقع على من وضع توقيعه على بياض ويراعى في ذلك القواعد المقررة في الإثبات. ذلك أنه إذا ما كتبت الورقة البيضاء بعد التوقيع عليها، أصبحت قيمتها في الإثبات قيمة الورقة العرفية التي لم توقع إلا بعد أن تمت كتابتها. ولكن يبقى للمدين الحق في أن يثبت أنه إنما سلم توقيعه على بياض للدائن وأن ما كتبه هذا فوق التوقيع لم يكن هو المتفق عليه بينهما. ويكون إثبات ذلك طبقا للقواعد العامة، أى أنه لا يجوز إثبات عكس المكتوب إلا بالكتابة. فإذا استطاع هذا الإثبات، فقدت الورقة حجيتها فيما بينهما. ولكنها لا تفقد هذه الحجية بالنسبة إلى الغير حسن النية فمن تعامل مع متسلم الورقة معتقدا أنها ورقة صحيحة، فحولت إليه مثلا، جاز له أن يتمسك بحجية الورقة في حق من وقع على بياض، ويرجع الموقع، على من أساء استعمال توقيعه. ولكن إذا كان التوقيع على بياض ذاته قد تم الحصول عليه من غير علم صاحب التوقيع ولم يقصد الموقع أن يسلم توقيعه على بياض إلى من أساء استعمال هذا التوقيع، بل حصل عليه هذا خلسة، كان التوقيع نفسه غير صحيح، وكانت الورقة باطلة، وعوقب من أساء استعمال التوقيع بعقوبة التزوير (م ٣٤٠ عقوبات). ولصاحب التوقيع أن يثبت هذا الاختلاس بجميع الطرق، ومنها البيئة والقرائن، لأنه إنما يثبت غشا، فإذا ما أثبت ذلك فإن الورقة تسقط في حجيتها في حقه بعد أن انكشف بطلانها. بل إن الغير حسن النية الذي تعامل مع المختلس على أساس أن الورقة صحيحة لا يستطيع أن يتمسك بحجية الورقة في حق صاحب التوقيع، ذلك أن صاحب التوقيع لم يسلم توقيعه على بياض للمختلس، كما فعل في الحالة السابقة، بل اختلس منه التوقيع اختلاسا، فلا يمكن أن ينسب إليه أي إهمال." (أ.د. عبد الرزاق السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني – المجلد الأول – ج2 – نظرية الالتزام بوجه عام – طبعة دار مصر 2021 – ص 158 إلى 161)



