فلسفة القضاء بين الحق والعداله
المحامون بغدادي • October 15, 2025
فلسفة القضاء: بين الحقّ والعدالة
تمهيد:
يقف القضاء في قلب النظام القانوني كذراع تنفيذ الحق ورافعة لتحقيق العدالة. لكنّ دوره لا يقتصر على تطبيق النصوص القانونية فحسب، بل يتعدّى ذلك ليكون مظهراً لفلسفة العدالة، حيث يعبّر عن التوازن بين الاستحقاق القانوني، والتقدير الأخلاقي، والواجب تجاه المجتمع. فـ فلسفة القضاء هي البعد الذي يوجه القاضي في تفسير القانون، واختيار المبدأ، والتمييز بين النصوص، والحكم العادل.
في هذا المقال، نستعرض أُسس فلسفة القضاء، تياراتها الكبرى، التحديات التي تواجهها، ودورها في رسم الحد الفاصل بين النص والإنصاف.
أولًا: أُسس فلسفة القضاء:
1- مبدأ الشرعية والسلطة القانونية:
تكمن شرعية القضاء في استناد قراراته إلى القانون، بحيث لا يكون القاضي متجاوزًا للنص التشريعي. هذا الأساس يعبر عن فكرة أن القانون هو مصدر السلطة، ليس القاضي بصفته الشخصية.
2- العدالة كمبدأ توجيهي:
العدالة ليست مظهراً ثابتًا أو قانونًا موضوعياً وحسب، بل قيمة تتطلب توازنا بين الحقوق والالتزامات، بين المساواة والتفاوت المنصف، وبين المصلحة العامة والحقوق الفردية.
3- الاجتهاد والتفسير:
في كثير من الحالات، تتنازع النصوص أو تفتقر إلى وضوح، هنا يأتي دور الاجتهاد كعنصر فلسفي حيوي. القاضي لا يُطبّق القانون آليًا بل يفسّره، يربط بين النصوص، يُوازن بينها، ويملأ الفراغات، مع احترام الإطار التشريعي.
4- المرجعية الأخلاقية والقيمية:
لا يمكن للقاضي أن يعيش في فراغ، بل يُواجه مواقف تحتاج إلى تقديرٍ للقيم الأخلاقية، للدستور، لكرامة الإنسان، وللمبادئ التي تحكم المجتمع. فلسفة القضاء تربط بين النص والقيم، بين القانون والضمير.
5- مبدأ المساواة والتكافؤ أمام القانون:
فلسفة القضاء تقتضي أن يُعامل جميع الأفراد متساوين أمام القانون دون تمييز، وأن تتجهّ الأحكام نحو التوازن بين أطراف النزاع.
ثانيًا: التيارات الفلسفية في القضاء:
هناك عدة مدارس فلسفية تؤثر في كيفية أداء القاضي لدوره، وإليك أبرزها:
1. القضاء النصّي ـ التفسير الحرفي:
يدعو هذا التيار إلى الالتزام الصارم بالنصوص القانونية كما وردت، مع تجنّب التمدد في التفسير أو إدخال معانٍ غير منصوص عليها.
مزاياه: درجة عالية من الثبات والتنبؤ وعدم تدخل القاضي في التشريع.
سلبياته: قد تؤدي إلى نتائج جائرة إذا كان النص عامًّا أو ناقصًا أو لا يراعي التطورات.
2. القضائية الحيّة / الدستورية الحية:
تؤمن بأن النصوص الدستورية والقانونية يجب أن تُفسَّر في ضوء المتغيرات الاجتماعية والتطورات الحديثة، بحيث يتجاوب القضاء مع متطلبات العصر.
هذا التيار يتيح للقاضي قدرة على تأويل النصوص بما يخدم العدالة في الوقائع المعاصرة، لكنه قد يُفتح الباب لتدخلات قضائية واسعة قد تُفسّر على أنها تشريع من على المنصة القضائية.
3. القضاء البراغماتي (الواقعي):
ينظر إلى القوانين كأدوات عملية لتحقيق أهداف المجتمع، ويركّز على نتائج الحكم، أثره، والظروف الواقعية التي يعيشها الأطراف.
يُعتبر هذا التيار أكثر ليونة، لكنه يُنتقد أحيانًا لغياب الثبات، وقد يُنظر إلى القاضي فيه كصانع سياسة بشكل شخصي.
4. المبدأ المتفوق / القضاء القيمي:
يُفترض في هذا التيار أن القاضي قد يواجه تعارضًا بين نصوص قانونية ومبدأ عدالة قصوى، فيُفضل المبدأ فوق النص إذا كان النص يُفضي إلى ظلم فاحش.
مثال مشهور على ذلك: صيغة رادبروش (Radbruch formula)، التي تقول إنه إذا كانت القاعدة القانونية تتعارض مع العدالة بشكل فاضح، فإنها تُترك لهيمنة المبدأ الأخلاقي العامّ.
ثالثًا: تحديات فلسفة القضاء في العصر الحديث:
1- التوازن بين الثبات والتجدد:
كيف يحافظ القاضي على استقرار القانون وسياق العدالة، وفي نفس الوقت يتعامل بمرونة مع القضايا الجديدة والتطورات؟
2- مخاطر التسييس أو السلطة القضائية الزائدة:
حينما يُفسّر القاضي النص بما يخدم رؤيته دون ضوابط، قد يُتهم بالقفز إلى التشريع أو بالانحياز السياسي.
3- الشفافية والمسائلة:
أن يوضّح القاضي دوافعه وطرق التفسير التي اعتمدها؛ لأن الخفاء في الفلسفة قد يُفسَّر على أنه تعسف.
4- الذكاء الاصطناعي وتأثيره على القضاء:
مع التقدم التقني، يُطرح سؤال حول مدى اعتماد أنظمة الذكاء الاصطناعي في المساهمة في اتخاذ القرار القضائي، وما هي التحديات الأخلاقية لضمان حيادية وعدالة القرار.
5- التعدد الثقافي والقانوني:
في المجتمعات المتنوعة، قد تواجه فلسفة القضاء تحدي التوفيق بين القيم القانونية العالمية والمحلية، بين التعددية والهوية القانونية الوطنية.
رابعًا: دور القاضي في تجسيد فلسفة القضاء:
القاضي ليس آلة تنفيذ للنص فقط، بل هو حامل لرسالة العدالة، وعليه:
1- أن يكون نزيهًا ومحايدًا، لا يميل لطرف على حساب الآخر بلا مبرر قانوني.
2- أن يفسّر النص بعقلانية وتعليل، بحيث يكون الحكم مفهوماً للمتقاضين والباحثين.
3- أن يكون مدركًا للسياق الاجتماعي والتاريخي، فلا يُطبق القانون كأنه في فراغ.
4- أن يحمي الحقوق الأساسية والكرامة الإنسانية، حتى عندما لا تكون مذكورة نصًّا، إن كان القانون أو الدستور يدعم ذلك.
فلسفة القضاء كجسر بين القانون والإنسان:
فلسفة القضاء هي الضمان الذي يحول الحكم من مجرد نص جامد إلى فعل العدالة الحيّ. إنها البعد الأخلاقي والمعرفي في عمل القاضي، الذي يجمع بين احترام النص والحفاظ على الكرامة الإنسانية، بين الالتزام والمرونة، بين السلطة والقيود.
عندما تنجح فلسفة القضاء في مجتمع ما، تعمّ الثقة في النظام القضائي، ويُنظر إلى المحكمة كمرجعية للعدل، لا كمصدر للسلطوية.

النظام الداخلي للمنشأة الاسم التجاري للمنشأة: [اسم المنشأة] الرقم الموحد: [0000000000] النشاط: [تجاري/صناعي/خدمي/غير ذلك] عدد الموظفين: [ ] تاريخ الاعتماد: [ / / ] هـ الموقع: [المدينة – العنوان] المادة الأولى: التعاريف. يقصد بالمصطلحات التالية أينما وردت في هذه اللائحة المعاني المبينة أمام كل منها: المنشأة: [اسم المنشأة] العامل: كل شخص طبيعي يعمل لدى المنشأة بموجب عقد عمل. المدير المباشر: المسؤول عن الإشراف على العامل وتقييم أدائه. الوزارة: وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. المادة الثانية: ساعات العمل. ساعات العمل الرسمية: من [الساعة] صباحًا حتى [الساعة] مساءً. عدد ساعات العمل اليومية: (8) ساعات، أو (48) ساعة أسبوعيًا، مع مراعاة تقليلها في رمضان. يوم الراحة الأسبوعي: الجمعة (ويجوز تغييره بحسب حاجة العمل). المادة الثالثة: الحضور والانصراف. يجب على العامل الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف المحددة. يُمنح العامل فترة سماح لا تتجاوز (15) دقيقة عند الحضور. التأخير أو الغياب بدون عذر يُعرّض العامل للإجراءات التأديبية. المادة الرابعة: الإجازات. الإجازة السنوية: 21 يومًا وتُزاد إلى 30 يومًا بعد 5 سنوات خدمة. الإجازة المرضية: وفق ما نص عليه نظام العمل. إجازة الزواج/الوفاة/الولادة: بحسب النظام. تُمنح الإجازات بناءً على طلب مسبق وموافقة الإدارة. المادة الخامسة: قواعد السلوك والانضباط. يجب على العامل الالتزام بآداب التعامل واحترام زملائه والعملاء. يُمنع استخدام الهواتف الشخصية أثناء ساعات العمل إلا للضرورة. الالتزام بالزي الرسمي إذا وُجد. يمنع التدخين داخل مرافق المنشأة. المادة السادسة: الإجراءات التأديبية. تُطبّق العقوبات التالية تدريجيًا بحسب جسامة المخالفة: الإنذار الشفهي. الإنذار الخطي. الخصم من الراتب (بما لا يتجاوز 5 أيام). إيقاف عن العمل مؤقتًا. الفصل من العمل وفقًا للمادة 80 من نظام العمل. المادة السابعة: التظلم والشكاوى. يحق للعامل التظلم خطيًا من أي إجراء تأديبي خلال (7) أيام عمل. تُنظر الشكاوى من قبل لجنة داخلية يُحددها المدير العام، ويتم الرد خلال (10) أيام. المادة الثامنة: أحكام عامة. تعتبر هذه اللائحة جزءًا من عقد العمل. يجوز تعديلها أو تحديثها بعد اعتماد وزارة الموارد البشرية. تسري أحكام نظام العمل في كل ما لم يرد به نص في هذه اللائحة. المدير العام: الاسم: [ ] التوقيع: [ ] ختم المنشأة تنويه: هذه اللائحة تُعد نموذجًا استرشاديًا لأغراض التنظيم الداخلي للمنشأة، وقد تم إعدادها وفقًا لأحكام نظام العمل السعودي. لا تُغني عن الاستشارة القانونية المتخصصة، ويُوصى بمراجعتها من قبل مستشار قانوني أو محامٍ لضمان توافقها مع طبيعة نشاط المنشأة ومتطلبات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قبل اعتمادها رسميًا.

مقدمة: من إثبات الحق إلى فرضه مباشرة: شهد قطاع الإيجار العقاري في المملكة العربية السعودية تحولاً جذرياً، تجاوز حدود الرقمنة ليصل إلى إعادة هيكلة قانونية شاملة. ففي النظام التقليدي، كان عقد الإيجار مجرد "سند عادي" لا يملك قوة التنفيذ، مما يضطر المتضرر إلى المرور بمسار قضائي طويل. أما اليوم، فقد أصبح "عقد الإيجار الإلكتروني الموحد"، الموثق عبر منصة "إيجار"، سنداً تنفيذياً يمكن التوجه به مباشرة إلى محكمة التنفيذ، مختصراً بذلك شهوراً من الإجراءات إلى أيام معدودة. هذا التحول يمثل نقلة نوعية في البنية التشريعية والتنظيمية للقطاع، ويعيد رسم العلاقة بين المؤجر، والمستأجر، والوسيط العقاري، عبر أداة قانونية تحمل قوة الأحكام القضائية القطعية. الفصل الأول: الإطار المفاهيمي – ما هو "إيجار" وما هو "السند التنفيذي"؟ 1.1 منصة "إيجار": تنظيم السوق العقاري. تُعد "إيجار" شبكة إلكترونية وطنية أطلقتها الهيئة العامة للعقار بهدف تنظيم وتوثيق قطاع الإيجارات، من خلال عقود إلكترونية موحدة تتمتع بالشفافية وتحفظ حقوق جميع الأطراف (المؤجر، المستأجر، الوسيط العقاري). تُستخدم هذه العقود كوثائق رسمية أمام الجهات الحكومية والخاصة. 1.2 السند التنفيذي: قوة القانون في وثيقة. وفق نظام التنفيذ السعودي، يُعرف السند التنفيذي بأنه وثيقة مكتوبة تتضمن حقاً محدداً، يتم بموجبها فرض التنفيذ الجبري، وعندما يتم توثيق عقد الإيجار عبر "إيجار"، يصبح سنداً تنفيذياً يُمكّن المؤجر من التوجه مباشرة إلى قاضي التنفيذ دون الحاجة إلى حكم قضائي مسبق. الفصل الثاني: التمكين التشريعي – كيف اكتسب العقد صفته التنفيذية؟ تمت هذه النقلة القانونية عبر سلسلة قرارات وتشريعات بدأت منذ عام 1435هـ: الأساس: قرار مجلس الوزراء رقم (131) بإنشاء شبكة خدمات الإيجار. التنظيم: إلزام الوسطاء العقاريين بتسجيل العقود إلكترونياً (قرار رقم 405). الإلزام: عدم الاعتراف بالعقود غير المسجلة في "إيجار" كعقود صحيحة (قرار رقم 292). الربط القضائي: اعتماد العقد الإلكتروني كسند تنفيذي من قبل وزارة العدل بعد الربط الإلكتروني مع "إيجار". الفصل الثالث: الأثر العملي على أطراف العقد: 1- المؤجر: من المطالبة إلى التنفيذ المباشر. أصبح بإمكان المؤجر تنفيذ حقوقه مباشرة سواء تعلق الأمر بالأجرة المتأخرة أو بإخلاء العقار، دون الحاجة للتقاضي الطويل. 2- المستأجر: شفافية والتزام صارم. رغم فقدان "ميزة التأخير"، حصل المستأجر على ضمانات واضحة وحقوق موثقة قانونياً، مما يعزز من عدالة العلاقة التعاقدية. 3- الوسيط العقاري: من سمسار إلى شبه موثّق. تطوّر دور الوسيط إلى مستوى أعلى من المهنية، حيث بات مطالباً بالتحقق من ملكية العقار ومعلومات الأطراف، مع تسجيل العقود بشكل نظامي. الفصل الرابع: دليل التنفيذ – المطالبة المالية: عبر منصة "ناجز"، يمكن للمؤجر تنفيذ المطالبات المالية باتباع خطوات رقمية تبدأ بإدخال بيانات العقد ثم تحديد الدفعات غير المسددة، ليصدر بعدها أمر التنفيذ تلقائياً. الفصل الخامس: دليل التنفيذ – طلب الإخلاء: في حال انتهاء العقد أو إخلال المستأجر، يُمكن للمؤجر تقديم طلب إخلاء إلكتروني، يُنفذ خلال أيام، وقد يصل الأمر إلى الإخلاء الجبري بعد استئذان القضاء. الفصل السادس: الاستثناءات التي تُفقد العقد قوته التنفيذية: 1- إضافة بنود خاصة: خطر قانوني خفي. إضافة شروط غير قياسية على العقد الموحد تُخرجه من وصف "السند التنفيذي"، ليُصبح عقداً عادياً يُحكم فيه أمام المحاكم العامة وليس التنفيذ. 2- النزاعات الموضوعية: خارج نطاق محكمة التنفيذ. تشمل هذه النزاعات: طلبات الإخلاء قبل انتهاء العقد، خلافات حول الصيانة أو الأضرار، أو المطالبات التي تخرج عن نص العقد، ويجب حينها اللجوء للمحاكم المختصة. خاتمة: نحو قضاء وقائي وعدالة رقمية: إن توثيق عقد الإيجار الإلكتروني كسند تنفيذي يمثل نموذجاً عالمياً رائداً في التحول الرقمي والتكامل القضائي،لقد أسهم هذا النظام في تسريع التقاضي، وحفظ الحقوق، وتخفيف العبء عن المحاكم، وجعل السوق العقاري السعودي أكثر شفافية واستقراراً. ومع استمرار التطوير، يُتوقع أن يتوسع نطاق التنفيذ الإلكتروني ليشمل أنواعاً جديدة من العقود، ويُرسّخ مبدأ "القضاء الوقائي" الذي يمنع النزاعات من جذورها، بدلاً من الاكتفاء بحلّها بعد وقوعها.

يُعد الإفلاس من الوسائل النظامية التي تهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة بين المدين المعسر ودائنيه، بشكل يحقق العدالة ويضمن استقرار التعاملات التجارية، وقد أرسى نظام الإفلاس السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/50) وتاريخ 28/5/1439هـ، أحكامًا دقيقة تنظم تقديم طلب الإفلاس سواء من قبل المدين أو الدائن، بما يتفق مع مبادئ العدالة ويأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية. أولًا: حق الدائن في تقديم طلب الإفلاس: يُجيز النظام السعودي للدائن – سواء كان دائنًا مضمونًا أو غير مضمون – التقدم بطلب افتتاح إجراء الإفلاس ضد الشركة، وذلك وفقًا لنظام الإفلاس، متى ما توافرت الشروط التالية: 1- بلوغ الدين مبلغًا محددًا: لا يجوز قبول طلب الدائن إلا إذا تجاوزت قيمة الدين مئة ألف ريال سعودي، ويجب أن يكون مستحق الأداء وغير معلق على شرط. 2- تعثر المدين أو توقفه عن السداد: يجب أن يثبت الدائن أن الشركة لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية عند استحقاقها، أو أنها في حالة تعثر فعلي. 3- الإثبات بالأدلة النظامية: كالسندات التجارية، أو الأحكام النهائية، أو المراسلات التي تدل على التخلف عن السداد. ثانيًا: أنواع الدائنين – مضمون وغير مضمون: الدائن المضمون: هو من لديه ضمان عيني (كالرهن أو الحجز) على أصول الشركة. وله أولوية في استيفاء دينه من المال المرهون. الدائن غير المضمون: لا يملك أي ضمانات عينية، ويُدرج دينه في جدول المطالبات، ويُستوفى حسب درجة التوزيع بعد سداد الديون ذات الأولوية. ويُراعى في نظام الإفلاس أن يتم التعامل مع كل فئة من هؤلاء وفقًا لحقوقهم النظامية، مع مراعاة مبدأ العدالة والتوزيع العادل في حال تصفية الأصول. ثالثًا: الإجراءات النظامية لتقديم الطلب: يتعين على الدائن أن يتقدم بطلب الإفلاس أمام المحكمة التجارية عبر بوابة لجنة الإفلاس، مرفقًا المستندات التالية: * تفاصيل الدين وأسباب استحقاقه. * ما يثبت تعثر الشركة عن السداد. * أي ضمانات يملكها (إن وجدت). * نسخة من عقد الدين أو السند التنفيذي. وتقوم المحكمة بالنظر في الطلب، وتقرر إما قبوله وافتتاح الإجراء المناسب (مثل التسوية الوقائية أو إعادة التنظيم المالي أو التصفية) أو رفضه إن لم تتوفر الشروط. رابعًا: الآثار المترتبة على قبول الطلب: إذا قررت المحكمة افتتاح إجراءات الإفلاس، يترتب على ذلك: 1- تجميد مطالبات الدائنين الفردية: لا يجوز الاستمرار أو البدء في أي دعوى ضد الشركة إلا بإذن من المحكمة. 2- وقف تنفيذ الأحكام التنفيذية: لحين الانتهاء من إجراءات الإفلاس. 3- تعيين أمين لإدارة الإجراء: يتولى متابعة الوضع المالي وتوزيع الأصول تحت إشراف المحكمة. 4- حماية الأصول من التصرف الضار: لمنع أي تلاعب من الشركة. خامسًا: المنظور الشرعي للإفلاس وحقوق الدائنين: أقرت الشريعة الإسلامية مبدأ إعسار المدين كما ورد في قوله تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة" (البقرة: 280). وهذا يدل على وجوب الرفق بالمدين المعسر وعدم التضييق عليه إذا ثبت عجزه عن السداد. لكن الشريعة أيضًا تحفظ حق الدائن، وتُجيز له المطالبة بحقه بطرق مشروعة. وقد قال النبي ﷺ: "مطل الغني ظلم"، وهو دليل على عدم جواز التأخر في السداد من القادر. يقوم نظام الإفلاس السعودي على تحقيق هذا التوازن الشرعي، فلا يُظلم الدائن، ولا يُجبر المعسر على ما لا يستطيع. إن إفلاس الشركة بطلب من الدائن يمثل آلية قانونية لحماية الحقوق وتفادي التعسف في التعاملات التجارية،ويُنصح الدائنون بما يلي: 1- التحقق من وجود حالة تعثر حقيقية قبل التقدم بالطلب. 2- الاستعانة بمحامٍ مختص في نظام الإفلاس لإعداد الطلب بشكل قانوني. 3- توثيق العلاقة التعاقدية وأدلة الدين منذ البداية. وبهذا التوازن بين الأنظمة الحديثة وأحكام الشريعة الإسلامية، يسعى النظام السعودي إلى بناء بيئة تجارية عادلة ومستقرة.

إلى كل من يظن أن المخدرات وسيلة للهروب أو مصدر للربح السريع... إلى كل من يتعاطاها أو يحوزها أو يروجها أو يتاجر بها... ⚠️ تنبيه قانوني وأخلاقي هام: المخدرات ليست مجرد مواد ضارة، بل هي جريمة قانونية وأخلاقية، تفتك بصاحبها وتدمر مجتمعه. القانون في معظم دول العالم يعاقب على جرائم المخدرات بأشد العقوبات، لما لها من أثر خطير على الصحة العامة، والأمن الاجتماعي، وسلامة الأفراد. 🔹 أولاً: التعاطي. تعاطي المخدرات جريمة في كثير من التشريعات، وإن كان المتعاطي يُعتبر في بعض الحالات مريضًا يحتاج للعلاج، إلا أن القوانين لا تعفيه من المسؤولية، خاصة إذا اقترن التعاطي بجرائم أخرى مثل القيادة تحت تأثير المخدر أو الإضرار بالغير. 🔹 ثانيًا: الحيازة. حيازة المخدرات، سواء كانت بقصد الاستعمال الشخصي أو النقل أو الإخفاء، تُعد جريمة قائمة بذاتها، وغالبًا ما تكون الحيازة قرينة على الترويج أو التعاطي، ما يضاعف المسؤولية الجنائية. 🔹 ثالثًا: الترويج والاتجار. أخطر أنواع جرائم المخدرات، ويُنظر إليها في القانون على أنها تهديد مباشر لأمن المجتمع،والمروج لا يفسد نفسه فقط، بل يُسهم في إفساد أجيال كاملة،والعقوبات في هذه الحالات قد تصل إلى السجن لمدد طويلة، أو حتى الإعدام في بعض الدول. 📚 من منظور الشريعة الإسلامية: المخدرات محرّمة شرعًا، ومَن يتعاطاها أو يروّجها يُعد معتديًا على نفسه وعلى غيره. وقد شددت الشريعة على تحريم كل ما يذهب العقل أو يضر بالبدن، واعتبرت الترويج نوعًا من الإفساد في الأرض، وهو من الكبائر. 🔴 رسالة إلى المتعاطي: لا تنتظر أن تفقد صحتك، أو تفقد مستقبلك، أو تُسجن لتبدأ بالتفكير، باب التوبة مفتوح، وباب العلاج متاح. اطلب المساعدة قبل فوات الأوان. 🔴 رسالة إلى المروّج والتاجر: اعلم أن المال الحرام لا يدوم، وأنك تُسهم في دمار الآخرين من أجل مصلحة مؤقتة. القانون قد يمهلك، لكنه لن يهملك. عاجل نفسك بالتوبة قبل أن تُحاسب على كل روح أفسدتها. 🤝 دعوة للمجتمع: مكافحة المخدرات ليست مسؤولية الجهات الأمنية فقط، بل هي واجب جماعي يبدأ من الأسرة، ويمتد إلى المدرسة، والمسجد، ووسائل الإعلام، فلنتعاون جميعًا لحماية شبابنا ومجتمعنا.

تُعد جريمة المخدرات من أخطر الجرائم التي تواجهها المجتمعات المعاصرة لما لها من آثار مدمرة على الفرد والأسرة والأمن العام، وفي المملكة العربية السعودية، يُعالج هذا النوع من الجرائم ضمن إطار قانوني وشرعي صارم، يجمع بين أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة الوضعية، بهدف حماية المجتمع وصيانة مقاصد الشريعة في حفظ النفس والعقل والدين والنسل والمال. أولًا: الإطار النظامي لجريمة المخدرات في المملكة. يعتمد النظام السعودي في معالجة جرائم المخدرات على نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/39) وتاريخ 8/7/1426هـ، بالإضافة إلى اللائحة التنفيذية ذات الصلة،كما تُعتبر هذه الجريمة من "الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف"، وفقًا لما نصّت عليه لوائح وزارة الداخلية. ويُعرّف النظام المواد المخدرة بأنها كل مادة طبيعية أو مركبة تؤثر في العقل أو الجهاز العصبي أو الإدراك، وتشمل العقاقير المُدرجة في الجداول الملحقة بالنظام. ثانيًا: صور الجريمة وفق النظام. ينظم النظام السعودي جريمة المخدرات على عدة مستويات بحسب الفعل المرتكب، ومنها: 1- التعاطي أو الاستعمال الشخصي: يُعاقب عليه بالحبس والجلد والغرامة، ويُراعى في تقدير العقوبة وضع الجاني (هل هو مدمن؟ هل سبق إحالته للعلاج؟). 2- الحيازة أو النقل أو الترويج: تُشدد العقوبة بحسب الكمية والنية. فالترويج يُعد من الجرائم الخطيرة التي توجب عقوبات مشددة. 3- التهريب أو الاستيراد أو التصنيع: تُصنف هذه الجرائم ضمن الجرائم الأشد خطورة، وتصل العقوبات فيها إلى الإعدام، خاصة في حال العود أو التكرار أو التورط في شبكات منظمة. ثالثًا: السياسة الجنائية السعودية: الردع والإصلاح: لا يقف النظام السعودي عند حدود العقوبة فحسب، بل يتبنى سياسة جنائية متوازنة تشمل: * الردع العام والخاص: من خلال العقوبات الرادعة للمروجين والمهربين والمستخدمين. * الرعاية العلاجية: يتيح النظام للمُدمن التقدُّم طوعًا للعلاج في مراكز متخصصة دون مساءلة قانونية، شرط الالتزام بالبرنامج العلاجي. * التعاون الدولي: تشارك المملكة في الاتفاقيات الدولية لمكافحة المخدرات، وتدعم التنسيق الأمني والجمركي مع الدول الأخرى. رابعًا: موقف الشريعة الإسلامية. ترتكز السياسة التشريعية السعودية في تجريم المخدرات على مقاصد الشريعة، حيث إن تعاطي أو ترويج أو تهريب المخدرات يُعد من الكبائر لما فيه من ضرر بالغ على العقل والجسم والمجتمع، وقد أفتى كبار العلماء بحرمة المخدرات بجميع صورها، واعتبروا أن عقوبتها قد تصل إلى الحد في حال الترويج أو التكرار، أو التعزير بما يراه ولي الأمر مناسبًا لحجم الجريمة. خامسًا: تحديات وتوصيات. رغم الجهود الكبيرة المبذولة، لا تزال المملكة تواجه تحديات في مجال التهريب عبر الحدود، وانتشار بعض المواد الجديدة ذات التأثير النفسي. ومن هنا، تبرز أهمية: * تعزيز برامج التوعية والتثقيف. * دعم مراكز العلاج والتأهيل. * تطوير التعاون القضائي والأمني مع دول الجوار. جريمة المخدرات تُعد من الجرائم المصنّفة ضمن الجرائم المهدِّدة لكيان المجتمع، وقد تعامل معها النظام السعودي بصرامة تامة، متسلحًا بأحكام الشريعة وأدوات القانون الجنائي الحديث، ويُظهر النظام توازنًا بين الحزم في العقوبة والرحمة في المعالجة، في سبيل بناء مجتمع خالٍ من آفة المخدرات، قائم على الأمن والصحة والاستقرار.

ضمان حقوق الشريك في المساهمات الزائدة عن الحصة: حماية قانونية في ضوء نظام الشركات السعودي في بيئة الأعمال الحديثة بالمملكة العربية السعودية، كثيرًا ما يساهم أحد الشركاء في الشركة بمبالغ تفوق حصته النظامية في رأس المال، سواء كانت هذه المبالغ تغطي نفقات تأسيس الشركة أو تمثل تمويلًا إضافيًا في مراحلها الأولى. هذا الوضع يثير تساؤلات قانونية مهمة تتعلق بكيفية حماية حقوق هذا الشريك، وضمان استرداد أمواله أو الاعتراف بمساهمته بشكل عادل. أولًا: الإطار القانوني للمساهمات الزائدة: نظام الشركات السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/132) وتاريخ 01/12/1443هـ لم يغفل تنظيم حقوق الشركاء، بل أرسى قواعد تضمن العدالة والشفافية في العلاقات بين الشركاء، وفي حال قيام أحدهم بدفع مبالغ إضافية، فإن الأصل القانوني يحكمه الاتفاق بين الأطراف، ما لم ينص عقد التأسيس أو أي اتفاق مستقل على خلاف ذلك. ثانيًا: صور المساهمات الزائدة وآثارها القانونية: تتنوع المساهمات الزائدة التي يقدمها الشريك، وتأخذ أشكالًا مختلفة، منها: * نفقات التأسيس: وهي المصاريف التي يتكبدها الشريك لتأسيس الشركة مثل الرسوم النظامية أو إعداد العقود أو التراخيص. ويحق له استردادها متى ما ثبت أنها تمت لمصلحة الشركة وبموافقة باقي الشركاء. * قرض من الشريك إلى الشركة: ويعد هذا من أكثر الأشكال وضوحًا من الناحية المحاسبية، حيث تُسجل هذه المبالغ كالتزام (دين) في ذمة الشركة للشريك. * مساهمة إضافية في رأس المال: إذا اتفق الشركاء على تحويل المبالغ الزائدة إلى حصة إضافية، وجب تعديل عقد التأسيس وتحديث نسب الحصص. ثالثًا: وسائل ضمان حقوق الشريك: لكي يحمي الشريك أمواله التي دفعها زيادة عن حصته، يُنصح باتباع الآتي: 1- التوثيق في عقد التأسيس: يجب أن يتضمن العقد ما يفيد بطبيعة هذه المبالغ وآلية التعامل معها. 2- الاتفاقات الجانبية الموثقة: يمكن تحرير اتفاق بين الشركاء يحدد وضع هذه المبالغ صراحة. 3- إثبات السداد: من خلال تحويلات بنكية أو فواتير معتمدة تثبت أن المبالغ دفعت لصالح الشركة. 4- المعالجة المحاسبية السليمة: لإظهار هذه الالتزامات في دفاتر الشركة بشكل صحيح. 5- اللجوء للقضاء أو التحكيم: في حال النزاع وعدم الاتفاق، يحق للشريك المطالبة باسترداد حقوقه لدى المحكمة التجارية أو جهة التحكيم المتفق عليها. رابعًا: أهمية التوثيق لحماية الشركاء: إن من أهم الضمانات القانونية هو التوثيق المسبق والواضح، فكلما كانت المساهمات موثقة ومبينة في العقود الرسمية أو الاتفاقات كان ذلك أدعى لثبات الحق وسهولة المطالبة به عند الحاجة. تعد المساهمات الزائدة عن الحصة من أبرز صور التعاون بين الشركاء، لكنها قد تتحول إلى مصدر نزاع إذا لم تُنظم قانونيًا منذ البداية. ومن هذا المنطلق، يؤكد نظام الشركات السعودي على أهمية الشفافية والتوثيق المسبق، بما يضمن حماية أموال الشركاء ويعزز الثقة بين الأطراف داخل الكيان التجاري.

** رأي السنهوري في قيمة التوقيع على بياض** "وقد يضع صاحب الشأن توقيعه على الورقة العرفية قبل كتابتها، فيقال عندئذ إنه وقع على بياض. ويكون قد قصد بذلك أن يعهد الطرف الآخر أن يكتب فوق التوقيع البيانات التي اتفق معه على عناصرها الجوهرية وترك إليه استكمال تفصيلاتها على أسس معينة مثل ذلك أن يوقع شخص شيكا على بياض المصلحة شخص آخر له معه حساب جار، ويعهد إليه أن يضع الرقم الدال على قيمة الشيك بمقدار ما على موقع الشيك من رصيد الحساب الجاري بعد تصفيته. ومن ثم يكون من وقع على بيان قد وثق في صاحبه واطمأن إلى أمانته، ومن هنا يجئ الخطر في التوقيع على بياض إذا خان الأمانة من أؤتمن. ومهما يكن من أمر فإن التوقيع على بياض صحيح. وهو من شأنه أن يكسب البيانات التي ستكتب بعد ذلك فوق هذا التوقيع حجية الورقة العرفية، فإن هذه الحجية تستمد كما قدمنا من التوقيع لا من الكتابة، فيستوى أن تكون الورقة قد كتبت قبل التوقيع أو بعده. والمهم أن من يوقع الورقة يوقعها بخطه، ويقصد من توقيعها أن يرتبط بالبيانات التي سترد في الورقة. على أن من يؤتمن على هذا التوقيع يجب عليه أن يراعى الأمانة، فلا يضع في الورقة بيانات غير ما اتفق عليه مع الموقع، وإلا عوقب جنائيا. أما من الناحية المدنية فعبء إثبات تسليم الورقة الموقعة على بياض وخيانة من تسلمها يقع على من وضع توقيعه على بياض ويراعى في ذلك القواعد المقررة في الإثبات. ذلك أنه إذا ما كتبت الورقة البيضاء بعد التوقيع عليها، أصبحت قيمتها في الإثبات قيمة الورقة العرفية التي لم توقع إلا بعد أن تمت كتابتها. ولكن يبقى للمدين الحق في أن يثبت أنه إنما سلم توقيعه على بياض للدائن وأن ما كتبه هذا فوق التوقيع لم يكن هو المتفق عليه بينهما. ويكون إثبات ذلك طبقا للقواعد العامة، أى أنه لا يجوز إثبات عكس المكتوب إلا بالكتابة. فإذا استطاع هذا الإثبات، فقدت الورقة حجيتها فيما بينهما. ولكنها لا تفقد هذه الحجية بالنسبة إلى الغير حسن النية فمن تعامل مع متسلم الورقة معتقدا أنها ورقة صحيحة، فحولت إليه مثلا، جاز له أن يتمسك بحجية الورقة في حق من وقع على بياض، ويرجع الموقع، على من أساء استعمال توقيعه. ولكن إذا كان التوقيع على بياض ذاته قد تم الحصول عليه من غير علم صاحب التوقيع ولم يقصد الموقع أن يسلم توقيعه على بياض إلى من أساء استعمال هذا التوقيع، بل حصل عليه هذا خلسة، كان التوقيع نفسه غير صحيح، وكانت الورقة باطلة، وعوقب من أساء استعمال التوقيع بعقوبة التزوير (م ٣٤٠ عقوبات). ولصاحب التوقيع أن يثبت هذا الاختلاس بجميع الطرق، ومنها البيئة والقرائن، لأنه إنما يثبت غشا، فإذا ما أثبت ذلك فإن الورقة تسقط في حجيتها في حقه بعد أن انكشف بطلانها. بل إن الغير حسن النية الذي تعامل مع المختلس على أساس أن الورقة صحيحة لا يستطيع أن يتمسك بحجية الورقة في حق صاحب التوقيع، ذلك أن صاحب التوقيع لم يسلم توقيعه على بياض للمختلس، كما فعل في الحالة السابقة، بل اختلس منه التوقيع اختلاسا، فلا يمكن أن ينسب إليه أي إهمال." (أ.د. عبد الرزاق السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني – المجلد الأول – ج2 – نظرية الالتزام بوجه عام – طبعة دار مصر 2021 – ص 158 إلى 161)


